يبدو ان تعليق النظام المفاجئ لجلسات التشاور الي أجل غير مسمى أثار حفيظة المعارضة و اخرجها عن صمتها وخاصة الأوجه التقليدية منها من خلال بيانات واسعة الإنتشار عبر المواقع الإلكترونية و وسائط شبكات التواصل الإجتماعي تصف الموقف بالطعنة في ظهر اللجنة التحضيرية المشتركة .
إن النظام الحالي بقوة القانون وصلابة الموقع لايحتاج الي تشاور او حوار وليس جزءا من التشاور القائم بقدر ما هو راع وحاضن لكل تشاور وطني بين مختلف الاطراف السياسية من اغلبية احزاب داعمة و معارضة حول ايجاد ارضية مناسبة للتشاور حول القضايا الوطنية الراهنة و الخروج برؤية توافقية تخدم مصلحة الوطن و وحدة الشعب و استقرار و امن البلد .
بعيد تعيين حكومة وطنية جديدة و امام تحديات داخلية و خارجية صعبة كالارتفاع المذهل للأسعار و النقص الحاد العالمي في المواد الغذائية و بداية الخروج من المتاعب الإقتصادية
لجائحة كورونا المتحورة و تأثير الحرب الروسية الأوكرانية و انعكاساتها علي الوضع الاقتصادي العالمي و الوطني مما قد تكون له تداعيات اجتماعية و سياسية .
فالظروف الحالية غير مواتية لأي تشاور وطني بين الأطراف السياسية بالبلاد دون إجماع وطني وفي ظل تنامي مسوقات خطابات الكراهية عبر الإنتشار الواسع لصوتيات وفوكالات الإساءة و المس من وحدة و تماسك المجتمع و تزايد وتيرة بعض المطالب الشرائحية الضيقة المتكررة من خلال الخروج علي الثوابت والقيم الدينية و الوطنية و الإجتماعية و الأخلاقية…..
بالإضافة الي الخلافات القائمة وتباين المقاصد داخل كتل المعارضة وعدم الخروج برؤية توافقية مشتركة للمعارضة حول القضايا الوطنية الراهنة وانسحابات اللحظة الأخيرة من جلسات التشاور لحاجة في نفس يعقوب و التلاسن الحاصل وتبادل التهم في وضع العراقيل
بين بعض اقطاب المعارضة من خارج دائرة جلسات التشاور وعبر المنابر و الخرجات الإعلامية
أمور من بين أخري ساهمت في إعاقة و وأد التشاور الوطني الحاصل في المراحل الأولي من
ولادته القيسرية .
إن اعادة بناء المرحلة الراهنة يتطلب أكثر من أي وقت مضي التقاطع داخل المشهد السياسي الوطني الواحد وتقليب المصلحة العامة علي الخاصة في هكذا ظروف .
فالمجتمع الموريتاني بمختلف مكوناته الأثنية يتقاطع تقريبا في نفس العادات والتقاليد ونمط الحياة و التشكيلات البنيوية للمكونة الواحدة رغم التباين الواضح في بعض خصوصيات الهوية العرقية والثقافية داخل الاوساط الإجتماعية .
إن الوقوف بصرامة و بقوة القانون أمام تحرك دعاة الفتن و إثارة النعرات و نشر الكراهية أمر مطلوب و ضروري لأمن و استقرار البلد و تماسك وحدة المجتمع .
لكن بعض المراقبين للمشهد السياسي و الساحة الوطنية يرون أن المفارقة تكمن في إدانة و
تجريم وسجن البعض قضائيا من خلال محاكمات بتهم التفوه بخطابات الكراهية وإثارة النعرات كردة فعل في ظروف معينة في حين يظل البعض طليقا ممن تعود التطاول علي القانون واستباحة اعراض الناس و الإساءة الي الرموز الوطنية و الدينية وإثارة النعرات و تمرير مسوقات خطابات الكراهية عبر المنابر الإعلامية و الدوائر الرسمية ومن داخل قبة برلمان نفسه من أجاز وصادق علي قانون الإساءة باغلبية ساحقة .
مستهدفا مكونة اجتماعية عريضة أمام مرأي و مسمع من الجميع بحجج باطلة و واهية في ظل الإستفادة من الحصانة البرلمانية للنيل من الآخرين او لأسباب و آجندات اخري .
أي تناقض هذا ؟
إن من فتح ابواب الإساءة يغلقها ومن أشعل نيران الفتن يطفيها .
فموريتانيا تتسع للجميع والجميع سواسية أمام القانون .
إننا نتطلع دوما الي التمسك بتوجهات النظام الحالي حول إرساء دولة مؤسسات و قانون وتأسيس عدالة
إجتماعية تشمل الجميع ليس إلا .
حفظ الله موريتانيا من كل سوء و مكروه .
اباي ولد اداعة