كتب د سيد المختار أحمد شنان : مقالا تحت عنوان
ذكرى المولد النبوي الشريف
"احتفل بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم بسيرته وذكر شمائله وفق الضوابط الشرعية مع حسن النية والمقصد"
من تتبع كلام العلماء في هذا الموضوع يجد انهم كفوه عناء البحث فقد قتل بحثا من المتقدمين والمعاصرين وإثارته كلما حان وقته ليست إلا جعجعة من غير طحين فلن يُقَدٌم فقيه ولا باحث فيه جديدا بل إنه يجب ان لا تختلف الأمة على تعظيمه والابتهاج فيه تعليما وتذكيرا به صلى الله عليه وسلم وخصوصا في هذا الزمان المتسارع المتقارب المشحون سُموما وفتنا والامثلة كثيرة وكما هو معلوم"الحكم يدور مع العلة"
والناس فيه بين:
مٌحتفل وله رأيه
وغير مُحتفل وله رأيه.
ولكل ما يتكئ عليه من النصوص والادلة ولكن الاحتفاء هو الأسلم والاكثر خيرا وأجرا وعلى ذلك عقد الكثير من العلماء أصابعهم عليه.
حقيقة الامام أبو حامد الغزالي كان محقا حينما وصف علم أصول الفقه بأنه العلم الذي يزدوج فيه العقل والسمع ويصطحب فيه الرأي والشرع.
فعند قوله صلى الله عليه وسلم:
"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"
يُفهم منه أن من أحدث في أمرنا هذا ما هو منه لا يكون ردا عليه إذا شهدت له الأصول واستوعبته المقاصد وكان الشرع لا يرده.
وصناعة الفقه ليست مجرد تعلم علم واحد وإنما تحتاج عدة علوم يجب ان يكون المفتي او من يستطيع ان تكون له أهلية الترجيح بين اختلاف النصوص وهي الفقه والحديث والاصول والمقاصد والنحو إضافة إلى حسن الفهم والاستنباط إذ ليس للاحكام المعراة من الدليل والمنفصلة عن التعليل سبيلا اليها!
فالاصلين-الكتاب والسنة-هما المصدران المعول عليهما لكن هنالك مصادر شرعية اخرى تسمى بالمصادر التبعية تتمايز بحسب المذاهب كالمصلحة المرسلة وسد الذرائع ووو
أضف الى ذلك إجتهادات العلماء الأجلة بإعمال النظر للمآلات وعلم المقاصد الشرعية كل هذه مجتمعة تتشكل منها العوامل الضرورية للحكم على الشيء وتصوره.
وهناك فرق بين من لم يحتفل لكنه لم يبدع الفعل وله رأيه وبين من لم يحتفل ويبدع ويفسق وهذا الاخير هو الاخطر فالتبديع والتفسيق لهذا دونه خرط القتاد لسلامة القصد وحسن النية بتعبير ابن تيمية رحمه الله
ففي الحديث"أَنَّ أَعرابيًّا قَالَ لرسول اللَّه ﷺ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ:مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟قَالَ: حُبُّ اللَّهِ ورسولِهِ قَالَ:أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ"
وإن سلمنا أنه ابتدع ونحن كذلك إلا أنه كم من مُحدث وهو خير وحسن والامثلة كثيرة في الفقه والتاريخ الاسلامي.
فالامام مالك وهو المعروف بانكار البدعة وكتب مذهبه مليئة بالشواهد على ذلك-فالمتتبع لمختصر خليل المالكي يلاحظ ذلك جليا فكم من مسالة اذا كانت ستؤول الى بدعة تجنبها-إلا أنه كان لا يمانع في تعظيمه صلى الله عليه وسلم وكان يخلع نعله ويمشي حافيا في المدينة رجاء ان يطأ مكانا وطئته رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول الإمام الشافعي وكفى به علْما وعلَما وأصولا:
"المحدثات من الأمور ضربان:أحدهما ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً فهذه البدعة الضلالة.
والثاني ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا وهذه محدثة غير مذمومة"
قال العلامة محمد الحسن ولد الخديم:
وكلُّ ما مال لتعظيم النبي@
بحث الدليل عنه سوء أدبِ@
وقال الشيخ محمد المامي رحمه الله:
نُدب السرورُ لمعدِن الأسرارِ@
سعد البشَائرِ مَنبع الأنوارِ@
قمَر النبوءةِ غرةِ الأقمارِ@
نُور البصائِر قُرة الأَبصارِ@
أَمَلُ النُّفوسِ أَمَانُ كُلِّ مُرَوَّعٍ@
مالُ العَدِيمِ غَمامة الأمطَار@
بُرْء السقِيم شِفاءُ قَلْبِ المُشْتَكِي@
زَهرُ السَّرَائرِ حُلَّة الأَزهارِ@