الإتفاق السياسي الرباعي حول وثيقة الميثاق الجمهوري.
قراءة في المضامين و المقاصد.
إن السياسة القائمة علي أسس التعددية الحزبية تعني المنافسة و لكنها علي نفس القدر من الأهمية ، حيث انها تتعلق أيضا بالبحث عن توفير الحلول المشتركة لصالح الدولة و المواطن
و يعتبر الحوار الفعال و الشامل بين الأحزاب السياسية بمثابة عنصر أساسي من عناصر السياسة الديمقراطية.
كما ان الصراعات و النزاعات و العلاقات الإستقطابية بين الأحزاب السياسية قد تعمل علي إعاقة و سد الطريق في وجه تنمية البلاد .
و علي النقيض من ذلك في أن توفير مستوي أساسي من الثقة و التعاون بين الأحزاب السياسية و النظام من شأنه تمهيد الطريق لتحقيق سبل السلام و الإستقرار المنشود و النمو المستدام في البلاد
يجمع كل المحللين السياسيين علي أن الإتفاقات السياسية تختلف باختلاف الزمان و المكان.
يأتي هذا الإتفاق السياسي الرباعي بعيد التوقيع علي بنود وثيقة الميثاق الجمهوري من طرف الحكومة من جهة ممثلة في شخص وزير الداخلية السيد محمد احمد ولد محمد الأمين .
و قادة الأحزاب المشاركة حزب الإنصاف الحاكم بقيادة رئيس الحزب السيد محمد ماء العينين ولد اييه و كذلك زعيم حزب تكتل القوي الديمقراطية السيد أحمد ولد داداه.
بالإضافة إلي رئيس حزب اتحاد قوي التقدم السياسي المحنك محمد و لد مولود.
كنتيجة حتمية لجو الإنفتاح السياسي و التهدئة الحاصلة و تعاطي المعارضة الإيجابي اتجاه قضايا الوطن و النظام.
و تجاوز تداعيات الحوار أو التشاور المعلق و نتائج الإستحقاقات الإنتخابية الأخيرة .
كما.جاء هذا الإتفاق في سياق وطني و إقليمي حساس يتطلب أكثر من أي وقت مضي اليقظة التامة و تضافر جهود كافة القوي الوطنية و تغليب المصلحة العامة علي الخاصة و التصدي لكل ما من شأنه ان يجر البلاد و العباد إلي الفوضي و عدم الإستقرار.
كما أسس لتفاهم سياسي وطني جمهوري ديمقراطي مفتوح أمام جميع الفاعلين السياسيين طبقا لبنود الإتفاق.
قوبل بالرفض من بعض جهات و أطراف المعارضة ظنا بأنه يخدم آجندات النظام أكثر من غيره .
و ما صاحب ذلك من تغييب لبقية الطيف السياسي.
مما أثار حفيظة بعض الأطراف و أخرجها عن صمتها من خلال بيانات رفض واسعة و انتقادات غير مبررة عبر المواقع الألكترونية و وسائط التواصل الإجتماعي بحجة عدم إشراكها في جزئيات مضامين الإتفاق
مما جعل بعضها يغرد خارج دائرة الإتفاق للتشويش أو لحاجة في نفس يعقوب.
في حين أصدرت سبعة أحزاب من الموالاة بيانا مشتركا تضمن إلي حد ما انتقادات صريحة لبنود الوثيقة.
مشيرا إلي أن التوقيع علي الوثيقة يقتضي الإقرار بالنتيجة قبل الشروع أو الدخول في مفاوضات أو نقاش أو حوار عكس الطرق المعهودة في هكذا مناسبات سياسية للوصول إلي أرضية مشتركة حول القضايا الوطنية الشائكة.
رغم أن مضامين هذا الإتفاق لامست في عمومها مطالب المعارضة سابقا و لاحقا و وفرت الوقت تفاديا للإختلاف و تجاوز مرحلة النقاشات الحادة غير هادفة.
كما عكست تطلعات المواطن البسيط.
لعل أبرز ما حققه الميثاق الجمهوري في الجانب السياسي هو ظهور عهد جديد من الشراكة بين الطبقة السياسية و الحكومة و إصلاح المنظومة الإنتخابية .
بالإضافة إلي الحد من ارتفاع الأسعار و ضبط الأسواق و استحداث آلية لحل ملفات حقوق الإنسان و القضايا الوطنية العالقة
كما تضمنت أيضا إصلاحات من شأنها صون الوحدة الوطنية و إرساء عدالة اجتماعية و حكامة رشيدة ستتم في إطار وطني شامل يطبعه التشاور علي شكل ورشات مفتوحة أمام جميع الأحزاب و الفرقاء السياسيين .
مما سيعزز من اتساع دائرة المشاركة كما هو مبوب ضمن بنود الإتفاق
بينما يري بعض المراقبين للساحة السياسية أن نقطة ضعف هذا الإتفاق هو عدم الشمولية و إشراك جميع الأحزاب و الفرقاء السياسيين .
وبالتالي عدم القدرة علي خلق إجماع وطني .
بالمقابل يري آخرون أن الأيام القادمة كفيلة بإمتصاص تلك الحالات الشاذة و تصحيح المفاهيم الخاطئة .
خاصة أن حجم تنازلات النظام كبيرة و هامة شملت مناحي و مجالات حيوية متباينة .
شكلت بالأمس القريب مطلبا أساسيا و ملحا للمعارضة في حلها و ترحالها كان بعيد المنال.
حيث كانت بوسعها أن تنتزعه في إطار مفاوضات كمكسب سياسي كأنها نست أو تناست أن : ( اسحاب إلين إتجي يسوا أمنين جايه ) .
إن النظام الحالي بقوة القانون و صلابة الموقع من خلال الأغلبية المريحة داخل البرلمان لا يحتاج إلي إتفاق أو تشاور أو حوار .
بقدر ما هو حريص علي خلق هدنة طبقا لتوجهاته و إيجاد أرضية مناسبة للتلاقي و الخروج برؤية توافقية تخدم مصلحة الوطن و وحدة الشعب و تنمية و استقرار و أمن البلد.
تأسيسا لما سبق لا يمكن إطلاقا التقليل من شأن المعارضة التقليدية
خاصة حزبي تكتل القوي الديمقراطية و اتحاد قوي التقدم و تقليص الدور التاريخي و طمس حجم الحضور تاريخيا داخل المشهد السياسي الوطني و مقارعة الأنظمة الحاكمة و المساهمة في تجاوز الأزمات الناجمة عن الاحتقان السياسي .
انطلاقا من الحقبة الطائعية مرورا باتفاق دكار و صولا إلي معاناة العشرية .
بالإضافة إلي التواجد الحالي و القوي داخل جزئيات اتفاق الميثاق الجمهوري.
ما ميز قادة هذين الحزبين طيلة المسار الديمقراطي هو مستوي النضال و التضحيات و التريث و الحكمة و الحنكة السياسية و طول النفس في المفاوضات و البعد الوطني و تغليب المصلحة العامة علي الخاصة خدمة للوطن و المواطن.
لا شك أن إبرام هكذا اتفاق بين الحكومة و الحزب الحاكم و بعض أطراف المعارضة سيكون له أهمية كبيرة في تعزيز الإستقرار السياسي و التنمية في البلاد.
مما سيؤسس و يخلق ل : -
‐ تعزيز الوئام و الوحدة الوطنية : يمكن للإتفاق أن يخلق بيئة تعاونية بين الأحزاب المختلفة مما سيساهم في تقليل التوترات السياسية و زيادة تماسك الوحدة الوطنية.
‐ دعم الديمقراطية : يمكن للميثاق الجمهوري تعزيز مبادئ الديمقراطية و حقوق الإنسان مما يؤدي.إلي تقوية الحكم الجيد و مشاركة المواطنين في عملية اتخاذ القرارات.
‐ تحقيق التنمية : من خلال التعاون بين الحكومة و الأحزاب المعارضة مما يمكن من تحقيق تنمية إقتصادية أفضل و تنفيذ سياسات إقتصادية تهدف إلي تحسين معيشة المواطن.
‐ إنشاء بيئة سياسية استقرار : يمكن للإتفاق الوطني أن يسهم في تقليل الصراعات السياسية و تعزيز الإستقرار و المساهمة في جلب الإستثمارات و دعم النمو الإقتصادي.
‐ فتح الباب أمام التعاون مع المزيد من الأحزاب و الفرقاء السياسيين : إن الميثاق الجمهوري المفتوح يمكن ان يشجع علي المزيد من التعاون و الحوار بين مختلف الأطراف السياسية و الحزبية مما يعزز الشفافية والمشاركة الواسعة.
بالإختصار المفيد يمكن القول إن إبرام مثل هذا الإتفاق سيشكل خطوة هامة نحو تجاوز العوائق و العقبات و تعزيز الإستقرار و الديمقراطية و التنمية في البلد .
و سيؤسس لمرحلة جديدة تعكس و.تجسد رؤية رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
حفظ الله موريتانيا.
اباي ولد اداعة.