بدأت الدّراعة و القصيدرة القصيرة “ما سيعرفُ بالغندورة أو القشابة”تنتشرُ تدريجياً وتتوسّع مع أواخر القرنِ السّابع عشر. ولعلّ اعلي شنظورة “1703-1727″أمير اترارزة كان أولّ من لبس الدراعة، التي عُرفت حينئذٍ بالشّنظورة وتمت تسميتهُ بها. ولكن سرعان ما أصبحت زياً شعبياً في السّنوات اللاحقة، وأخذت في التّوفر بشكلٍ ملحوظٍ في عام 1743م الذي عُرف بعام الدراريع في منطقة ودان وولاتة، وربما على كلّ الطريقٍ القوافلي.
وفي عام 1758 شُوهد أمير اترارزة في سان لويس يرتدي دراعة بهيّة شبّهها الشّاهد الإنلكيزي بلباسِ الكُهّان المسيحيين، وكان يضعُ تحتها سروالاً قصيراً يصلُ إلى نصف الفخذ ويحتذي نعلاً. وسرعان ما أصبحتُ الدّراعة زيّ رجال الصّحراء، و أضحت القافلة التّجارية القادمة من ولاتة تؤوب بالكثير منها، من بين أشياء أخرى، في مقابل الملحِ الذي كانت تُصدره إلى افريقيا. وفي عام 1795 كان أميرُ أولاد امبارك الشّهير، السلطان اعلي ولد اعمر، يتميّز بلباسهِ لدراعةٍ مُميّزة كانت تُعدّ له في تمبكتو وتأتيه في باغنة.
في مجال أولاد امبارك كانت هذه الدراعة رمزاً للزيّ الأنيق و النبيل، بحيثُ أن البيضان اعتبروا الملابس الأوروبية غير أنيقة وغير مُحتشمة، وقاموا بإلباس الأسير الأسكتلندي لديهم دراعةً بدلاً من لباسهِ المُتكون من بنطلونٍ و قميص.
ومع هذه الدّراعة، كان يوضعُ اللثام غالباً، وخصوصاً في لحظات الغُبار حيثُ كان البيضان ما زالوا يلثّمون عموم الوجه، باستثناء الحدقتين، كما كان يفعلُ الصنهاجيونَ الملثمون في القرونِ السّالفة. وبالطبع لم يفرض التّلثم الصنهاجي كلية في هذه الفترة، إلّا أنّه تنوّع و تشعّب. فقد شبّه شاهد إنكليزي لثامَ أمير اترارزة أعمر ولد المختار”1757-1771″بالتيجان القديمة، ذلك أنّه كان مُعداً من القُماش الشاشي الصّوفي وكان قًرمزي اللّون وتتدلى منه قطعةٌ منسبلة إلى الوراء.
وفي غيابِ اللثامِ كانت تقومُ الضفائر، ففي الجنوب الغربي إلى جهة السنيغال العاليا حيثُ شاهد لاكوب في عام 1675 رجلاً من أعيان البيضان حاسر الرأس طويل الشّعر، وكان يضفره للوراء (ويبدوُ أن هذه كانت حالةُ العرب الحسانيين كما تُظهر لنا الصّور) ويلبسُ الثّياب الإفريقية : قصيدرة سوداء بدلاً من الدّراعة.
– أبوالعبّاس ابراهام، آلاف السّنين في الصّحراء : تاريخ موريتانيا من البواكير حتى القرن العشرين. ص476