السيادة الوطنية ملك للشعب الذي يمارسها عن طريق ممثليه المنتخبين وبواسطة الاستفتاء”.
“إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم”.
في هاتين الجزئيتين من المادتين الثانية، والحادية والعشرين، من الدستور الموريتاني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان تواليا؛ تتجلى قيمة واضحة للاقتراع ويتم الربط بقوة بين الثلاثي: الشعب، والسلطة، والاقتراع.
مبدأ الشورى المعلن في هاتين الجزئيتين وفي عديد القوانين الوطنية والمواثيق الدولية كحق أصيل للإنسان تنغص ممارسته في جل بلدان العالم عوامل مختلفة، مع ملاحظة عدد من الباحثين أن تضييق الخناق على ممارسة هذا الحق أو ضيقها يخلق ديمقراطية مشوهة.
كما تشير الأبحاث في المجال أن الدول ذات التكوين الديمقراطي حديث التشكل أو الهش؛ يسهل فيها التأثير على حق الناخبين في التصويت بأشكال مختلفة، وأدوات متعددة، أكثر من غيرها.
هذا التأثير في بلدان مشابهة لبلادنا غالبا يكون أساسه مادي، إما بشكل مباشر ( التصويت بمقابل مادي) أو شبه مباشر (وعد بتحقيق مصلحة شخصية) أو غير مباشر (لفائدة القبيلة أو جهة العمل..).
وتحفز هذه الظاهر مزيدا من نقاش إشكاليتي؛ أيهما أمكن ممارسة ابتداءً.. الحق السياسي أم الحق الاقتصادي، وهل الحق الاقتصادي في ظل الدولة الحديثة يمارس أم يمنح؟
وأيا تكن الإجابات فإن المجمع عليه في مجال حقوق الإنسان أن عملية التأثير على اختيار الناخب هي في حقيقتها جزء من سلبه حقه في التصويت، سواءً كان هذا التنازل إراديا جراء الترغيب أو إكراها جراء الترهيب، سواء كان لجماعة أو لفرد.
ويدعّم هذا الطرح أن “..العقل السياسي السائد ما زال صراحة أو ضمنا يَنظُرُ، وصفياً ومعيارياً، إلى السلطة كسلطة فرْد أوتوقراطي، وينظر وفقاً لذلك إلى انتقالها كانتقالٍ منْ حاكمٍ فرد إلى آخر. وبدا أن الأطروحات السائدة تتعلّق غالبا بتقديم حلولٍ سحرية مترادفة المعنى، من نمط القائد المنقذ أو المترشّح المنقذ أو الريع المنقذ”.( فقرة من كتاب موريتانيا إلى أين للدكتور بدي ابنو).
وحتما فإن كل تجربة شورى مهمة للوطن والمواطن أيا يكن ما يواجه تحقق أهدافها من معضلات ذات تشكل متعدد الأبعاد وأسباب مختلفة المحفزات.
بقلم / موسى أعمر