نادي الدرك الوطني لكرة القدم و رحلة العودة
من معاناة القطيعة.
ارتأت إدارة الدرك الوطني منذ العام الماضي ضمن توسيع دائرة مجال نشاط الرابطة الرياضية و الثقافية للدرك و إرساء رؤية جديدة للعودة إلي ملاعب كرة القدم من بوابة الدوريات الكبري و الدخول في أجواء المنافسة علي الألقاب و البطولات بغية تمثيل قطاع الدرك في المحافل الرياضية بعد غياب طويل و قطيعة استمرت أكثر من عشرين عاما.
تم تجسيد تلك الإستراتيجية علي أرض الواقع من خلال الإستحواذ علي ملكية ناد ناشط في دوري الدرجة الثانية بعد عملية شراء و تغيير إسمه لاحقا ليحمل إسم و شعار الدرك الوطني الذي كان له حضور قوي و مؤثر أنذاك داخل المشهد الرياضي الوطني خلال تسعينات القرن الماضي .
دخل الوافد الجديد تحت مظلة الدرك الوطني أجواء المنافسة بنفس جديد و بروح قتالية و اندفاع حيث قدم أداءا رائعا و جيدا من خلال أول ظهور له علي مستوي مسار دوري الدرجة الثانية سرعان ماتم تتويجه بطلا لدوري الدرجة الثانية لنفس الموسم.
مما مكنه من الصعود تلقائيا و بكل جدارة و استحقاق إلي الدور الممتاز و مقارعة الكبار و طنيا و إقليميا و قاريا.
و يعود الفضل في ذلك إلي وقوف قائد أركان الدرك الوطني الفريق عبد الله ولد احمد عيشة و دعمه للرابطة الرياضية و الثقافية للدرك و حرصه الدؤوب علي بناء فريق كرة قدم منافس يملك كل مقومات الفوز بالألقاب و البطولات و الدوريات و إشاعة ثقافة الممارسة الرياضية في الوسط العسكري لما لذلك من ايجابية علي قطاع الدرك بصورة عامة.
بالإضافة إلي ما لامسه اللاعبون و أعضاء الجهاز الفني من إهتمام و عناية و تأطير من القائمين علي إدارة النادي من ضباط ساميين و غيرهم ،حيث وضعت إدارة نادي الدرك الفريق في ظروف جيدة و مناسبة و وفرت له كل الوسائل و المستلزمات الضرورية للنهوض بمستواه الفني و البدني .
فعلي مستوي الدوري الممتاز استهل الفريق مشواره مع بداية الإنطلاقة بسلسلة هزائم متتالية مخيبة للآمال بسبب أخطاء الدفاع القاتلة وتراجع المستوي الفني و اللياقة لدي اللاعبين مقارنة بأدائهم علي مستوي دوري الدرجة الثانية و سيكولوجية اللعب و الضغوط و تأثيراتها كادت أن تعيده إلي سيرته الأولي أو إلي نقطة المربع الأول من دوري الدرجة الثانية.
لولا أن تدارك القائمون علي شأن النادي الأمر و تبني استراتيجية جديدة في إطار إعادة تشكيل و بناء فريق له القابلية على الإستمرار في رحلة إثبات وجود في أول موسم له في الدوري الممتاز و المنافسة من أجل البقاء في ركب الكبار خاصة إذا ما علمنا أننا أمام لعبة كرة قدم تنحصر محصلتها في ثلاث نتائج لا أكثر فوز أو هزيمة او تعادل في ظل خيارات مفتوحة امام الجميع .
مما تطلب إعادة ترتيب البيت و ضخ دماء جديدة في إطار صفقات و تفاهمات هامة من داخل سوق الإنتقالات الصيفي الميركاتو تم بموجبها جلب المدرب الشاب حسن كامرا بالإضافة إلي ضم 10 لاعبين لصفوف النادي من مختلف المراكز من بينهم الحارس السابق للمنتخب الوطني الأول سليمان جالو ضمن صفقة انتقالات واسعة وصفت بالأضخم علي مستوي الدوري الممتاز لهذا الموسم .
أعادت نادي الدرك الوطني إلي الواجهة معتمدا علي توليفة من اللاعبين الشباب و عناصر الخبرة حملت أسماءا فردية مهارية كاللاعب يب و غيره بدأت تعطي نتائج ايجابية من خلال الإنتصارات المتكررة علي مستوي الدوري و الأداء الرائع علي مستوي بطولة كأس رئيس الجمهورية.
كان آخر تحد لتشكلة الدرك الجديدة الممثل الوحيد للمؤسسة العسكرية بعد خروج و إقصاء كل من الجيش و الحرس من المنافسة علي البطولة في لقاء مثير ومباراة تكافؤ فرص ضمن الدور الثمن النهائي لكأس رئيس الجمهورية جمعه بنظيره القوي العائد من العمق الموريتاني كهيدي.
اعتمد فيها فريق كهيدي علي الدفاع علي مستوي الخطوط و قطع الكرات و محاولات الإستحواذ .
بينما دخل نادي الدرك خلال الشوط الاول أجواء المباراة باندفاع وروح قتالية و محاولة السيطرة علي وسط الميدان و الإنتشار و توزيع الكرة وبناء هجمات معاكسة شكلت خطورة متكررة علي دفاع و مرمي الخصم غابت عنها اللمسة الأخيرة لعدم التركيز.
في حين حصل تباطؤ و تراجع لدي لاعبي فريق الدرك الوطني خلال الشوط الثاني كاد ان يلقي بظلاله علي نتيجة المبارة ساهم في استفاقة لاعبي كهيدي من جديد و الإستحواذ علي الكرة وسط الميدان و بناء هجمات تصدت لها دفاعات الدرك دون ان تشكل خطورة تذكر علي عرين الحارس سليمان جالو لتحسم المباراة في نهاية المطاف عن طريق ضربات ترجيح ابتكرها الآلمان ضمن قواعد االلعبة و كانو اكبر المستفيدين منها تاريخيا بعد ما كانت تحسم من خلال القرعة باستخدام العملة المعدنية.
ليتجاوز نادي الدرك علي غرار الآلمان نادي كهيدي و يتأهل إلي الدور الربع النهائي من بطولة كأس رئيس الجمهورية موسم 2023 م
محققا أولي مفاجآته لموسمه الأول بين الكبار.
لاشك ان تجربة إدارة نادي الدرك و الجهود المبذولة في هذا الإطار تستحق الإشادة و التثمين .
و أن ما شهده الفريق من انسجام بين اللاعبين و تحسن ملحوظ علي مستوي الأداء و النتيجة مقارنة بحالات التعثر في بداية الموسم ينبغي تعزيزه ضمانا لكسب الرهان في المراحل القادمة إن شاء الله.
في حين أثبتت التجارب و المعطيات الحاصلة علي مستوي لعبة كرة القدم دوليا ان احسن وسيلة لمواكبة ومسايرة اللعبة هي الإستثمار في المنشآت و الفئات العمرية الصغيرة بغية خلق اجيال صاعدة ستشكل قاعدة لها القابلية في إحداث التغيير و صناعة الفارق علي ارضية الملعب في قادم المناسبات .
رمضان كريم.
اباي ولد اداعة.