ينابيع الخير في رمضان بقلم / د محمد يحي باباه

أربعاء, 22/03/2023 - 14:48

ينابيع الخير في رمضان
سيتفيأ المسلمون في الأيام القادمة بإذن الله تعالى مساحة زمنية مفعمة بنفحات من رحمة الباري عز و

جل، هي مساحة رمضان المبارك التي ميزها الله سبحانه وتعالى بفضل عظيم، فالأعمال تضاعف بالمغفرة و الرضوان، فمن الثابت أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في مضاعفة العبادة والطاعة فيها أكثر من
أي فضاء زمني آخر
وقد ورد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله " وهكذا فقد سلك الصحابة رضوان الله تعالى عنهم والتابعون والسلف الصالح هذا المسلك في الطاعة و العبادات فيجتهدون في رمضان كله وخلال العشر الأواخر منه أكثر
هذا و نقرأ في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم أن هناك أعمالا لابد من القيام بها واغتنام الفرصة
خوفا من فوات أجرها و فضلها علينا مثل الاعتكاف، فشد المئزر يفيد الاعتكاف الذي هو قربة و سنة عمل بها النبي صلى الله عليه و سلم طيلة حياته في رمضان و العشر الأواخر منه حتى توفاه الله سبحانه و تعالى، و الاعتكاف هو انقطاع العبد في المسجد مع الله تعالى يلتزم فيه الإنسان بالذكر و التلاوة و الانقطاع عن شهوات الدنيا و الاكتفاء بمعية الخالق تعالى، و تصفية الحساب معه تعالى وإصلاح القلب أي تأمين صفاء النفس و
تزكيتها
إناغتنامالمساحاتالزمنيةالمليئةبالرحمةوالمغفرةوكلأنواعالخير،يتقدمكفعل ِعباديكريمفيأعلى
سلم الطاعات، ففضل رمضان لا يتوقف عند العتق من النار، و فرصة الفوز بالعبادة في ليلة القدر المباركة التي أنزل فيها القرآن وهي التي كانت سيدة الليالي باعتبارها خيرا من ألف شهر، بل يتجاوز ذلك كله إلى أنها تكملة مضاعفة لعبادة الصوم برمتها التي يمنح الله بواسطتها مغفرة الذنوب كلها، فقد ورد في الصحيحين عن أبى هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من
ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه >>
يعني أن من صام إيمانا بالله و بفرضية الصيام و ركنية شهر رمضان و احتساب الأجر وتحمل المشقة غفر له ماتقدموماتأخرمنذنبه
وهكذا فإن مضاعفة الأعمال في رمضان من أكثر العبادات فضلا، فتلاوة القرآن والذكر الدائم، والترفع
عن الشهوات الدنيوية التي تجر العبد إلى المزالق الهدامة، كل ذلك يمهد الطريق إلى حسن الخاتمة والفوز بالحسنى يوم القيامة
فما علينا إلا أن نلتزم بالاعتكاف في المساجد لضمان مغفرة الله تعالى و اكتساب فضائل الصيام التي يتضاعف أجرها في رمضان
نحن إذا أمام ينبوع فياض من النعم و الخير يجب أن نغتنمه لتحصيل العتق من النار و الفوز برضوان الله
عز و جل
فالفعل المنسجم مع ينابيع رمضان يقوض بنجاعة كل المؤثرات الشيطانية الهدامة و يحيلنا إلى معاني التسامح و الرحمة و قيم الأخوة و التكافل الاجتماعي المثمر، فقد جاء فرض الصيام في القرآن مقرونا بالتقوى، مما يدل على تزكية البدن و تضييق مسالك الشيطان: << َيا أَ ُّي َها الَّ ِذي َن آ َمنُوا كُ ِت َب َعلَ ْيكُ ُم ال ِص َيا ُم َك َما كُ ِت َب َعلَى الَّ ِذي َن ِم ْن قَ ْب ِلكُ ْم لَ َعلَّكُ ْم تَتَّقُو َن >> البقرة 183
يقول ذو الجلالين في تفسير هذه الآية: «{يأيها الَّ ِذين آمنُوا كُ ِتب} فُ ِرض {عل ْيكُ ْم ال ِصيام كما كُ ِتب على الَّ ِذين ِم ْن ق ْبلكُ ْم} ِم ْن ا ْلأُمم {لعلَّكُ ْم تتَّقُون} ا ْلمعا ِصي فإِنَّهُ ي ْك ِسر ال َّش ْهوة الَّ ِتي هي مبدؤها {أيَّا ًما} نُ ِصب ِبال ِصيا ِم أ ْو ي ُصو ُموا
ُمق َّد ًرا {م ْع ُدودات} أ ْي قلا ِئل أ ْو ُمؤقَّتات ِبعدد م ْعلُوم و ِهي رمضان وقلَّلهُ ت ْس ِهي ًلا على ا ْل ُمكلَّ ِفين»